Friday, July 2, 2010

كيف ظهر الله الابراهيمي

تحية لكل من اتبع العقل
موضوعنا اليوم هو عن طيفية ظهور الله الابراهيمي

اي اله السماء السابعة
 

كثيرا ما يتردد على مسامعنا - لا توجد أدلة كافية على وجود الله - كما و يقال أيضا - لا توجد أدلة كافية على عدم وجود الله - 

فهل هاتين العبارتين متساويتان بالمقدار و متعاكستين بالإتجاه ؟
هل العبارة القائلة - ما قُدم بدون دليل يُنقض من دون دليل - صحيحة منطقيا ؟
من المفترض أن يكون الملحد لا دينيا - حسب قناعتي - طيب ماذا الديانات التي لا تتخذ إلها - البوذية كمثال - هل هي صحيحة ؟

في خضم هذه الأسئلة و عند المحاولة للإجابة عنها يتراءى لنا أن فكرة الإله التي تعرضها لنا الأديان ضحلة بعض الشيئ و غير واضحة المعالم
فإله الأديان دائما ما يكون متوحد الوظائف أي بيده كل شيئ و يكون كامل الأوصاف و القدرات و عند وضع الإله الإبراهيمي تحت المجهر نرى
بأنه قد وحد صفاته التي كانت الإديان القديمة - الغير توحيدية - تفرقها على آلهة عدة مثل الهندوسية و أوثان عرب الجاهلية الذين كانوا يخصصون إلها لكل فعل معين
مثلا إله للخصب و إلها للرعد و آخر للمطر و الكثير منها بحسب الظواهر الطبيعية و الفكر الإنساني و رقي الحضارات و تطورها .

و مفهوم الإله قد يختلف من دين لآخر فهناك أديان لا تعيش آلهتها للأزل و أديان من دون إله كما ذكرت سابقا و بما أن الأديان الأكثر انتشارا على الأرض هي الإبراهيمية
فسنتكلم عن إله الأديان الإبراهيمية - الله - الرب - يهوة

الإله المادي - المحسوس -


منذ تطور مظاهر الحضارة كان الإنسان يعبد ما يخاف منه و ما يخشاه و ابتدء في عبادة الظواهر الطبيعية من رياح و أمطار و نار و براكين و فيضانات فقد كان المصريون القدماء يقدسون نهر النيل و يخافونه و يقدمون له القرابين أو يعبدون الشمس بينما كان أهل بلاد فارس يعبدون النار و يخصصون سدنة لبيوت النار و عند تطور وعي الإنسان صار يصنع إلهه المادي على شكل صنم أو طوطم فكان أهل شبه جزيرة العرب يتفننون في صناعة الأوثان و الأصنام و يطلقون عليها الأسماء المختلفة - اللات و العزة و مناة الثالثة الأخرى - حتى أنهم كانوا يصنعون أصنامهم من مواد تتلف بعد حين كالتمر مثلا لذلك كان الإله يختلف بحسب التموضع الجغرافي لعَبَدَته و هذا الإختلاف كان شكلا و مضمونا و وظيفة و لكن مع ابقاء صفة أساسية و رئيسة لكل تلك الآلهة و هي الوجود المادي المحسوس و لكن غالبا ما كان اقتتال الحضارات و حروبها مع بعضها و الظواهر الطبيعية و عامل الزمن مؤثرا على تلك القضية فإن الصنم المادي فان و عاجز عن تلبية رغبة الإنسان في ايجاد اله خالد .

الإله المختفي - الميتافيزيقي -

في مراحل لاحقة من تطور الوعي البشري أصبح الإنسان يدرك أن بأن ما يعبده من أصنام و طواطم ما هي إلا ظواهر طبيعية يمكن تفسيرها بشكل أو بآخر و حتى إن لم يكن هناك سبيل لتفسيرها فإن هناك شيئ ما ورائها هو الذي يسببها و يُنشئها و لابد من البحث عن هذا الشيئ - ذو القوة الخارقة - الذي يعبث بالطبيعة و يُسيرها كما يشاء
و هنا كان لابد من انشاء صنم عظيم و كبير لا يمكن هدمه أو تحطيمه يرضي غرور الإنسان و يلبي حاجاته التي تزداد يوما بعد يوم لأن تلك الظواهر الطبيعية ما عادت مقنعة للعقلية البشرية التي كانت تمشي في خط مستقيم في التطور جيلا بعد جيل و هنا نرى حاجة الإنسان الدائمة لوجود شيئ أو كائن أعظم منه و أضخم منه و فيه جميع الصفات البشرية الجميلة من حب و عدل و حكمة و كرم و رحمة ........الخ

لذلك لابد من ايجاد هذا الشيئ الذي أضحى حاجة بشرية ملحة لابد منها و لا يمكن الإستغناء عنها لأن الإنسان بطبيعته كائن ناقص و من المستحيل أو شبه المستحيل أن يوجد الإنسان الكامل و عند وجوده أصبح أشبه بإله - كما في الديانة البوذية - في رحلة البحث الطويلة عن الإله الكامل لم يجد الإنسان ما يلبي رغبته و متطلباته لذلك كان
من الضروري أن يصنعه بنفسه و يخبئه في مكان لا تصل إليه يد بشر و لا تدركه حواس إنسان فما كان منه إلا أن يرفع ذلك الصنم المادي الى السماء و يُنهي وجوده المحسوس بشكل كامل و يطلق عليه كافة الصفات التي كان الإنسان بحاجة لأن يراها في معبوده و بذلك يضمن عدم تدمير ذلك الإله مستقبلا و عدم المساس به بسوء
مهما تغيرت الظروف و تطور الوعي سيبقى الإله الخفي بعيدا عن التدمير محميا من كل ما قد يهلكه محتفظا بصفاته الجميلة التي أطلقها عليه الإنسان .


تحويل الإله المادي إلى إله ميتافيزيقي

عند استعراض تاريخ البشرية و حضاراتها المختلفة و خاصة في منطقة وادي الرافدين و بلاد الشام نرى أن الحضارات التي نشأت في تلك المنطقة هي التي مهدت لظهور الإله المختفي ماديا و خاصة في فترة الإحتكاك بين سكان وادي الرافدين و سكان بلاد الشام من خلال الحروب أو غزوات أو تجارة فقد كان سكان هذه المناطق من فينيقيين و كنعانيين و آشوريين و سومريين متفوقين و متقدمين بكافة المجالات و لكل منهم آلهته الخاصة و كان لدى شعب بلاد الرافدين آلهة سماوية و لكنها متجسدة بأصنام مثل الإله مثل الإله إنكي و يعتقد فراس السواح في معظم كتبه و مؤلفاته بأن هذه الفترة بالذات كانت نقطة تحول كبيرة في تاريخ الفكر الديني لشعوب هذه المنطقة حيث أن الإله الوثني إيل الكنعاني قد تطور لاحقا ليصبح إلها لسكان منطقة فلسطين و نهر الأردن و تبناه اليهود ليكون الها سماويا و بهذا بدأ التوحيد يظهر في هذه المنطقة و بدأت معالم الإله الواحد بالظهور حتى أن التوارة تقول - لا أعرف الآية بالضبط - أن هناك تفاهما بين ابراهيم - أول الموحدين حسب الرواية الدينية - و الكنعانيين بخصوص عبادة إيل .

عند ربط المعطيات المثيولوجية و تاريخ الشعوب التي ظهر فيها وجود الإله الميتافيزيقي نجد أن الحاجة البشرية الملحة كانت الدافع الأقوى لوجود الله و مسببات تلك الحاجة عديدة و كثيرة فقد كان العلم المتوفر لدى الإنسان في ذلك الوقت محدودا و لم يستطع أن يُفسر الكثير من الأمور من ظواهر طبيعية و تنوع في الكائنات ......الخ
و البحث المضني عن الكائن - الشيئ الكامل - الذي لم يستطع الإنسان توفيره كما أن خوف الإنسان المستمر من الشر بكافة أشكاله - الشيطان - كان سببا هاما أيضا لذلك لم يجد الراحة و لم يشعر بالأمان حتى استطاع اقناع نفسه بوجود ذلك الإله الذي لم و لن يستطيع أحد الوصول إليه أو بلوغ صفاته .

المقال ليس بحثا بالمثيولوجيا و التاريخ بقدر ما هو نقاش في البحث عن الأسباب التي أدت لإقتناع الإنسان بوجود الإله - الله -

لذلك فإن الإله ما زال يرزح بين مطرقة انعدام الوجود المادي و سندان الحاجة البشرية اليه .

منقوول