Friday, July 2, 2010

اعترافات الله بنفسه

تحية لكل من اتبع العقل

من كتاب "فقدان الإيمان بالإيمان: رحلتي من مُبشر إلى ملحد" للكاتب الأمريكي "دان باركر"...يقوم الله بتقديم إعترافات ليلية
للاهوتى السابق دان باركر الذى خرج من ظلمات الجهل إلى نور الإلحاد .

هو إعتراف تخيلى لأن صاحب الإعتراف غير موجود ..ولكن هو إسقاط لأفكار منطقية وعقلية لم يستوعبها الله نفسه ..!!!

عزيزي اللاهوتي

أجد نفسي جالسا هنا في السماء، و أنظر حولي فلا أجد شيئا غيري و غير الاشياء التي خلقتها. لا أرى كائنات أخرى تنافسني، و لا أرى شيئا فوقي يمكن أن يكون خالقي، إلا إذا كان مختبئا. في كل الاحوال، على حد علمي (والمفروض أني أعلم كل شيء)، لا يوجد شيء آخرغيري و خليقتي. أنا موجود منذ الأزل، كما تقول. أنا لم أخلق نفسي، لأنني لو فعلت ذلك لكنت أعظم من نفسي و هو أمر مستحيل.

من أين أتيتُ؟

أنا أعرف كيف تجيب أنت على هذا السؤال من ناحية من خلقَك أنت. أنت تلاحظ أن الطبيعة، و خصوصا العقل البشري، تُظهر أدلة على تصميم معقد. لم ترَ في حياتكَ تصميما بهذا التعقيد من غير مَُصمّم. لذلك فأنت تجادل بأن الإنسان لا بد أن يكون له خالق، و أنا لن أجادلك في هذه النقطة.

إذن فماذا عني؟ أنا مثلك ألاحظ أن عقلي تصميم معقد، بل إنه أكثر روعة و تعقيدا من عقلك، و إلا لما كنتُ قادرا على خلق عقلك. شخصيتي تُظهر تركيزا و هدفا. أحيانا أفاجئ نفسي بحكمتي اللامتناهية! فلو إعتقدتَ بأن وجودك دليل على وجود خالق، فما رأيك بوجودي أنا؟ ألست رائعا؟ ألست منظما في السلوك؟عقلي ليس مجموعة من الأفكار العشوائية، بل يُظهر ما تسميه أنت "تصميما معقدا". فإذا كنتَ أنتَ بحاجة إلى خالق، فماذا عني؟

من الجائز أنك تفكر الآن بأن السؤال هو نوع من الهرطقة، و لكن لا توجد مثل تلك الجريمة بالنسبة لي. أنا حرٌ أسأل ما أشاء، و أعتقد أن هذا السؤال بالذات سؤال وجيه. إذا كنت تقول بأن كل الأشياء بحاجة إلى خالق، ثم تقول بأن ليس كل الأشياء (مثلا أنا) بحاجة إلى خالق، ألم تناقد نفسك؟ بإستثنائي من الحجة، ألست إذن تضع العربة أمام الحصان و تزج بالإستنتاج في الحجة نفسها؟ أليس هذا ما يسمى بالجدل الدائري؟ أنا لا أختلف معك بالنسبة لإستنتاجك بل إني أتسائل لماذا تعطي لنفسك الحق في مثل هذا الإستنتاج و تحرمني أنا منه؟

إذا قلتَ بأنني لا أحتاج أن أسأل من أين أتيتُ لأنني كامل الصفات و المعرفة و البشر غير ذلك، فأنت إذن لا تحتاج إلى الحجج المنطقية أصلا، أليس كذلك؟ أنت تفترض مسبقا بانني موجود، بدون منطق. يمكنك تصديق مثل تلك الإفتراضات بالطبع، فلن أحرمك من حرية الإفتراض. قد تكون الإفتراضات المسبقة و المنطق الدوراني أشياء تعطيك راحة البال، و لكنها لا تنفعني أنا بشيء على الإطلاق. فما زلتُ لا أعرف من أين أتيتُ.

تقول بأنني أزلي الوجود، و أنا لن أعترض على مثل ذلك الإفتراض لو علمت فقط ماذا يعني! إن من الصعب أن أتخيل وجودا أزليا. من المستحيل أن أتذكر زمنا بهذا الطول! قد يأخذني الدهر بحاله لأتذكر دهرا بحاله، و هكذا فلن يبقى لي وقت لعمل أي شيء آخر، فمن المستحيل عليّ أن أتأكد إن كنت موجودا منذ الأزل، فأنا كما قلت، لا أتذكر.

أنت تقول بأنه من المهم أن أكون أزليا. سأصدقك. لكن سؤالي ليس عن فترة وجودي بل أصل وجودي. لا أرى كيف أن كوني أزليا يحل المشكلة. ما زلت لم تجبني: من أين أتيتُ؟

باستطاعتي تخيل حل واحد، و أقدّر مداخلاتك. أعلم بأنني موجود. أعلم بأنني لم أخلق نفسي. أعلم أيضا بأنه ليس هنالك ألهاً أعظم مني ليخلقني. فبما أنني لا أستطيع النظر إلى ما هو أعلى مني، فمن الممكن أن أنظر إلى الأسفل بحثاَ عن إجابة. ربما - و هذا مجرد إفتراض - ربما أنت خلقتني.

لا تنصدم. أنا أعني مجاملتك. بما أنني كائن معقد، و بما أنني لا أجد مكاناَ آخر يمكن أن ينشأ منه كائن مثلي، فأنا مجبر أن أبحث عن خالقي في الطبيعة. أنت جزء من الطبيعة. أنت ذكي. فلمَ لا تكون الإجابة على مشكلتي لديك أنت؟ ساعدني!

طبعاً إذا كنتَ أنت خالقي، فمن المستحيل أن أكون أنا خالقك (أعتقد!). السبب الوحيد الذي يجعلني أظن بأنني صنعتك هو أنك أنت جعلتني أعتقد ذلك. أنت تقول أحيانا بأن الخالق يمكن أن يضع أفكارا في عقلك. أليس من الممكن أن تكون أنت من يضع أفكارا في عقلي، بما أنك خلقتني، و ها نحن كلانا نتساءل من أين أتينا و من خَلَقَنا.

البعض من البشر يقول بأن هذه المعضلة من الغيبيات التي لا يعلمها إلا اللـه. حسناً، شكرا جزيلا. أُغلقَ الموضوع إذن! فأنت تستعمل المنطق لإثبات وجودي، و لكن عندما يصل منطقك إلى طريق مسدود، تهجر المنطق و تستعمل كلمات مثل "الإيمان" أو "الغيبيات". تلك الكلمات قد تكون مفيدة لك كبدائل عن الحقائق و الوقائع، و لكنها كلمات فارغة لا معنى لها بنظري. بإمكانك أن تتظاهر بأن الـ "غيبيات" ترمز إلى شيء غاية في الأهمية، لكن بالنسبة لي فهي تعني فقط أنك تجهل الأمر أساسا.

البعض يدعي بأنني أتيت من لا شيء. أنا موجود فحسب. ولكني سمعت نفس الأشخاص يقولون بأنه لا يوجد هناك شيء يأتي من لاشيء. ليس من حقك أن تتبنى فكرتين متناقضتين. فإما أن أكون موجودا أو غير موجود. فما هو الذي أدى بي لأن أكون موجوداً بدل أن أكون غير موجود؟ إذا كنتُ غير محتاج إلى خالق فلماذا أنت بحاجة إلى خالق؟ بما أنني غير مكتفٍ بتفسير الـ "غيبيات" فأجد نفسي مضطراً لقبول التفسير المنطقي الوحيد: أنتَ خلقتني!

وهل تلك فكرة سيئة؟ أنت تدّعي بأن الآلهة الأخرى إخترعها البشر، مثل الإله زيوس و ميركري و ألفيس. أنت تدرك بأن تلك الآلهة نبعت من تمنيات الإنسان و إحتياجاته و تخوفاته. فإذا كانت تلك المعتقدات المقدسة لدى المليارات من الناس يمكن أن تُفسّر على أنها وليدة ثقافات الشعوب، فما بالك بمعتقداتك أنت؟ الفُرس خلقوا الإله ميثرا و اليهود خلقوا يهوه، و أنت خلقتني. إذا كنت مخطئا فأرجو تصحيحي.


ما معنى الوجود؟ ربما أنا أوجدت نفسي كما تقول، و ربما اله آخر أوجدني، أو ربما أنت أوجدتني -- لنضع تلك المعضلة جانبا. أنا هنا الآن. لكن لماذا أنا هنا؟ العديد من البشر يستقون غاية وجودهم مني، و أنا ممتن أن غاية وجودك هي إسعادي. لكن اذا كان هدفك في الحياة إسعادي و عبادتي، فما هو هدفي أنا؟ إسعاد نفسي؟ هل هذا إذن سبب وجودي؟

إذا كان هذا هو سبب وجودي، فأنا أناني يخلق دمى حية بلا هدف أو اتجاه سوى إرضائي. ألا توجد لدي أهداف سامية أتطلع لها؟ هذا غير ممكن فليس هنالك ما هو أسمى مني. هل إذن محكوم عليّ أن أجلس هنا في السماء و أسلي نفسي بخليقتي؟ أم هل أعبد نفسي مثلا؟

عزيزي اللاهوتي، لقد قرأت كتاباتك الدينية، وهي كلها ملئى بالأهداف السامية. يبدو لي أن الإنسان بطبيعته يسعى إلى الكمال. تحسين أحوالكم هو بالفعل هدف سام يمدكم بمهمة معينة -- شيء تسعون لتحقيقه و تعيشون من أجله. لكن ماذا عني؟ أنا كامل و ليس لدي ما أسعى لتحسينه. ما هو هدفي إذن؟ إرضاء نفسي بمخلوقات تعبدني؟ و هل هذه صفة كمالية حقا أم أنها نقص كبير؟

أنا مازلت محتارا. لا تفهمني خطأ، فالوجود بحد ذاته شعور جيد، لكني لأني كامل، لا يوجد لدي شيء أفعله! لقد خلقت الكون بما فيه، و جعلته يعمل حسب قوانين الطبيعة لوحده. من غير المعقول أن أنشغل بأمور مملة مثل التحكم بكل تفاصيل الكون بنفسي. تصور لو أنني مثلا منهمك بانزال كل قطرة مطر و انبات كل ورقة شجر! هذا سيجعلني عبدا للكون لا سيدا له! إذن فالكون يعمل بمفرده، لكن ماذا أفعل الان؟ لا تقل لي أن أخلق كونا آخر فأنا خلقت أكوانا منذ وجودي الأزلي و مللت هذا. هل هذا كل ما في الأمر إذن؟ سأجلس هنا و أخلق كونا بعد كون تماما كأي عامل مصنع ينتج شيئا تلو الاخر؟ وهل تسمي هذه ألوهية؟ أنا أسميها مللاً و فراغاً و عبودية.

أأسلي نفسي إذن بخلق أكوان عديدة؟ كون بعد كون بعد كون؟ و لـِمَ؟ هل الأمر تجارب؟ ثم لماذا أخلق أشياءً أصلاً؟ إرادتي أن أخلق أشياءًً تجعلني ناقصاً. المفروض أني إله كامل مكتفٍ بذاتي و لست بحاجة إلى مخلوقات تعبدني أو تسليني.

ما علينا. أنت تستهزء بغير المومنين، بدعوى أنه ليس لديهم هدف سامٍ. فما بالك بي أنا! ليس لدي هدف سامٍ لأنه لا يسمو علي شيء! ثم إن كنت أنا هدفك أنت، و أنا لا هدف لي، إذن ففي نهاية المطاف لا هدف لك أنت أيضاً. وجودي لا معنى له، تماماً كوجود غير المؤمنين كما تقول.

إذا كان هدفي أنا ارضاء نفسي -- مع أن هذا كما قلت صفة منافية للكمال -- فلـِمَ لا يكون هدفك أنت إرضاء نفسك و هكذا نحل المشكلة؟

هناك من يقولون أنني خلقت البشر لكي يعبدوني. حسناً فلنناقش الفكرة. بما أني إله، فلا بد لي من عبيد. أيعني ذلك أنني بحاجة للعبيد كي أكون إلهاً؟ أليس هذا منافياً للكمال؟ أنت تقول أني خلقت الإنسان حراً لكي يختار أن يعبدني، لأني لو أجبرت أحداً أن يعبدني لكانت عبادته لي نفاقاَ. ولحسن الحظ، فهناك البعض منكم من إختار أن يعبدني. لكن هنا المشكلة: بما أنكم أحرار، كان بإمكانكم أن لا تعبدوني، و لكنكم إخترتم عبادتي. إذن أنتم إخترتم أن تعطوني شيئاً كان بإمكانكم أن تمنعوه عني! كيف أكون إلهاً إن كان هناك و لو مخلوق واحد لديه القدرة أن يمنحني إحترامه أو يحرمني إياه؟! لا يكمن أن أحل المشكلة بأن أجبركم على عبادتي فتلك لن تكون عبادة حقيقية أصلاً.

مرة أخرى، سأنسى تلك المشكلة. المشكلة الثانية هي أنه هناك المليارات من البشر الذين إختاروا ألا يعبدوني. ماذا أفعل بهم؟ أأضعهم في جحيم أبدي؟ أيناسب إله مثلي -- أنا المنزه عما هو بشع -- أن أخلق أفراناً لحرق مخلوقاتي للأبد؟ إلى متى؟ لماذا خلقتهم أصلاً؟ المفروض أني أعلم كل شيء، فأنا علمت مسبقاً أنهم أشرار. كان بإمكاني ألا أخلقهم. ليس هذا منافياً للحرية، فالأخيار لا زالوا أخياراً بإختيارهم. كان من المفروض أن أنتقي الأخيار و أنسى الأشرار (ولنُسمِّ ذلك نظرية الإنتقاء الفوق طبيعي). على الأقل، هذا سيكون أرحم من نار جهنم الأبدية. ألستَ تقول [اني رحيم؟

هناك من يقول أن جهنم مجرد رمز. هل يعتقد هؤلاء أن الجنة أيضاً رمز؟

ثم كيف يمكن للإنسان أن يكون شريراً أصلاً؟ ألست كاملاً؟ لماذا خلقت الشر؟ المصانع الجيدة تصنع منتجات جيدة، فما بالك بالأشرار في العالم؟ ألا يدل شرهم على وجود خلل ما في صانعهم؟ لا يمكن أن تلوم النقص على طبيعة الإنسان. أنا كامل، و أنا من خلق طبيعة الإنسان. فكيف باتت ناقصة؟ ولا يمكن أن تلوم الشيطان فأنا من خلق الشيطان! كيف أكون خالقاً كاملاً إذن و هناك نقص واضح في خليقتي؟

أرى أنه بما أنك أنت خلقتني، إذن نقصي مستمد من نقصك، و حتى إعتقادي بأني كامل هو تكبر مستمد من تكبرك. يبدو الأمر واضحاً الآن. المنتجات الناقصة مصدرها مصانع سيئة.

ترجمة من كتاب
Losing Faith in Faith: From Preacher to Atheist
Dan Barker
Logikal