Friday, July 2, 2010

وجهة نظر في الفلسفة الالحادية

تحية لكل من اتبع العقل

كاتب هدا المقال من اصل تركي مسلم

تم ترجمته من ظرف احد الاخوة الملحدين وارتايت ان اضعه لتعم الفائدة

مكونات الكتاب

* حياتك الخاصة، مسارك الخاص.
* التقاليد
* إلى أين نذهب من هنا؟
* هل ندع المتدينين أن يكونوا؟
* نشر الكلمة
======
حياتك الخاصة، مسارك الخاص
شخصيا، بضع سنين قضيتها في أمريكا كانت كافية لأرى التقاليد من الزاوية الملائمة. إن شابا تركيا عاديا، على سبيل المثال، لم يخرج من بلاده، ولم يعش مرة واحدة خارج تقاليده، من الممكن أن يربط كل شيء في حياته بالدين. نريد من هذا الشاب أن يلاحظ (كما لاحظت أنا) أن التقاليد تعطي فقط طريقا واحدا في الحياة. نحن نخاف مما لا نعلمه. وعليه أريد هنا أن أعرض بعض الطرق غير التقليدية في الحياة، والتي من الممكن أن لا تكون مسببة للخوف.
هناك عدة مسارات تستطيع أن تسلكها خلال حياتك. في لحظة معينة التقى مسارا والديك، ونتيجة لهذا اللقاء ولد مسارك في الحياة. إن مسارك قد ابتدأ هناك فقط، ولكنه ليس مشابها ولا يمكن أن يكون مشابها لمسار والديك. لأن ظروف طفولتك من غير الممكن أن تكون مشابهة لظروفهما، وكذا مسار أولادك لا يمكن أن يكون مماثلا لمسارك.
نحن نعلم أن معظم الناس يولدون في عائلات تعلّم أولادها الدين (قولا وفعلا) منذ المراحل الحياتية المبكرة، وتقوم بدمجها مع المهارات الحياتية الأخرى. وعندما تصبح المهارات الحياتية الرئيسية مرتبطة بشكل وثيق مع الممارسات الدينية يصبح من الصعب (ولكنه غير مستحيل) تغيير العادات الدينية لاحقا. في الواقع، هكذا تنشأ التقاليد، وهكذا تستمر وتبقى لأجيال متعاقبة، فالتقاليد عبارة عن عادات اجتماعية.

التقاليد:
ككائنات إنسانية، نحن نتعلم من تجربتنا، ونتعلم اجتماعيا من تجارب الناس الآخرين. المشكلة مع التجربة، هي أننا نعيش مرة واحدة، وليس كبعض ألعاب الحاسوب، كلما نفدت حياة تحصل على حياة أخرى، من هنا نكون حذرين، ويجب أن نكون حذرين للحفاظ على الحياة. لذا فنحن حساسون جدا للأخطار، والتهديدات (الحقيقية أو الخيالية ) تشكل أفضل مدرس لنا. من أجل تقليص تجاربنا إلى أدنى حد يكون "آمنا"، علينا أن نتواصل اجتماعيا ونتشارك في التجارب مع الآخرين.
هاتان الحقيقتان: الحساسية للخطر والتعلم الاجتماعي، أنتجت مجموعة من التقاليد والثقافات. لكي نفهم هذه العملية سنتخيل السيناريو التالي لإنسان عصر الكهف:

التجربة:
لنتخيل وضعا لا يحدث يوميا، ولكنه من الممكن أن تترك هذه التجربة أثرا يستمر مدى الحياة، بل ويمكن أن ينتقل للأجيال القادمة.
لنقل أننا مجموعة من الصيادين-اللاقطين، وقد اصطدنا حيوانا جديدا، وقمنا بلقط مجموعة من الثمار بعضها جديد والبعض الآخر مألوف. وبسبب خوفنا من الحيوانات في الغابة، تسلقنا قمة جبل، وقمنا هناك بأكل الحيوان والثمار. لنقل أيضا أنه بسبب نوع من تسمم الطعام، استيقظ كثير منا منتصف الليل مع آلام في البطن، الدوخة والعطش. خرجنا زاحفين من الكهف لشرب الماء من النهر القريب. واحدة منا سقطت في النهر بسبب الدوخة، غرقت وماتت بينما كنا نحاول إنقاذها.

الدروس المستفادة:
لقد كانت هذه تجربة مؤلمة للغاية بسبب اقترانها بالموت، وستجعلنا جميعا خائفين من أي مشهد منها.
سنشك بالحيوان الجديد، وبالثمار الجديدة، سنشك أيضا بقمة الجبل الذي صعدناه، قد يكون القمر ملعونا، وقد تكون ضفة النهر مسحورة. وإذا تصادف وأن الغريقة قد تعثرت بشجيرة ما، فإن تلك الشجيرة، أو ذلك النوع من الشجيرات، أو الشجيرات ككل، من الممكن أن تكون خطيرة.
غالبا سيكون هناك أكثر من حدث يؤكد نفينا، ولكن المصادفة قد تجعل حدثا آخر ذا صفات مشابهة يدخل في الصورة. ها قد ولد درس شخصي وربما اجتماعي، إن مجرد إخبار أي شخص من خارج المجموعة سيجعل من هذا الدرس حركة ومع الوقت تقليدا اجتماعيا.
بعض الأجزاء من التقليد تحوي عادة نصائح مفيدة قد تساهم في إنقاذ الحياة، ولكن البعض الآخر هو مجرد دروس حياتية غير صحيحة، ركبت موجة الأشياء المفيدة. "لا أعلم كيف نجح هذا الأمر، ولكنه نجح."
فالتقاليد تبقى لأنها تحوي أشياء مفيدة وتجاهلها أو إهمالها قد يؤدي إلى فقدان أشياء عزيزة عليك.
بعض الناس المخادعين يستغلون هذه الحقيقة، أنه كلما كان الأمر أكثر إخافة كلما كان أكثر رسوخا في الذاكرة، والدرس يكون أعمق وأكثر إقناعا. إنهم يستغلون هذه الحقيقة، أن الكلمات تكون عملة صالحة للتجارب، ولذا فإن قصصهم تحوي أمورا مخيفة لدفعك لاتخاذ قرار سريع قبل أن تزن وجهتي النظر في النقاش.
كانت المشاكل تحل بالقوة عن طريق الأفراد عند الأمم القديمة الغير "متحضرة" (فكرة المجتمع المتحضر انتشرت على أكثر حد في القرون الأخيرة فقط، على الرغم من أن الإغريقيين القدماء كان لديهم نظاما ديمقراطيا—إذا استثنينا العبيد). عندما تسيطر مجموعة من الناس بالقوة على مجموعة أخرى مستسلمة، فإنهم يغيرون أفعال هذه المجموعة، مما يؤدي بالتالي إلى تغيير المنظومة الإيمانية والعقائدية لدى المجموعة المغلوبة.
انتشرت معظم الأديان التي نعرفها عن طريق القوة، والكتب الدينية التي نعرفها تشمل قصصا مخيفة لأعداد هائلة من الموتى، الرعب، الغضب والعنف.

إلى أين نذهب من هنا:
إلى أين نذهب بعد انتهاء حياتنا على الأرض؟ هناك إجابة قصيرة ولكنها مزعجة لهذا السؤال المشحون بالعواطف: ولا إلى أي مكان.
سنذهب كما ذهب الذين من قبلنا. لن نذهب إلى أي مكان خارج الأرض. لن يكون هناك أي شيء إضافي لحياتك غير المسارات التي اخترتها لحياتك.
إنه من الصعوبة بمكان أن تظن نفسك أنك مجرد شخص عادي، مثل باقي الناس. نحن نحتاج الأمل، من أجل البقاء، ولدينا سعة مدهشة من الأمل. على الرغم من أننا نعرف أن بعض معارفنا قد ماتوا ودفنت أجسادهم تحت التراب، إلا أننا ما زلنا ننمي الأمل في أن الانقطاع الحياتي المتمثل في الاختفاء داخل اللاحياة، هو مجرد إشارة أن الحياة (الروح) ما زالت قائمة.
هذا الأمر لا يختلف كثيرا عن كوننا "نرى" العالم مسطحا (إلا إذا طرت أو كنت ترى بعيدا)، ولا نراه كرة ملتهبة طائرة أو صخرة صلبة. إننا نتخيل أن ما نراه حولنا سيستمر للأبد. أحاسيسنا تخوننا.

هل ندع المتدينين أن يكونوا؟
كتب هذا المقال لينشر كلمة ضد كل الأديان. شخصيا، في أغلب فترات حياتي، اعتبرت الدين غير مفيد، مجرد هواية وغير ذي ضرر. أنا عادة أتجاهل كون أغلب أصدقائي متدينين، وحتى عندما نتناقش في الدين، فإن الهراء الذي يسود النقاش، والثقة العمياء، والخوف المرتبط بالكلمة المكتوبة يرعبني.
تجاربي اليومية تظهر لي أن الناس المتدينين ليسو أسوأ ولا أفضل من الناس غير المتدينين. معظم النس في تركيا يتبعون صيغة معدلة ثقافيا من الإسلام، حيث أن شرب الكحوليات، ممارسة الجنس قبل الزواج، وعدم المواظبة على الصلاة والصيام تعتبر أمورا مقبولة
ولكن، في الأيام الأخيرة، بدأت الأصولية ترفع رأسها من جديد، وبدأ الناس يعودون إلى الجذور الأولى للإسلام، حيث أن حقوق المرأة وحرية التعبير ممنوعة لدى الدوائر الدينية، مما يشكل تهديدا للمجتمع ككل.
إن كوني محاطا بأصدقاء مسلمين غير أصوليين، يجعلني أحيانا أرى الدين بمثابة وسيلة لتجنب مشاق وصعوبة الحياة.

قوة الكلمات:
يستعمل المتدين الكلمات كوسيلة للشفاء من المرض والمتاعب، حتى عندما تتوفر وسائل أفضل للشفاء. بعض المتطرفين يذهبون بعيدا، لدرجة أن أبناءهم قد يموتون بسبب عنادهم. (وأحيانا يتكرر الأمر، حيث يموت الولد تلو الآخر أثناء بحر من الصلوات والأدعية بدلا من أخذهم للطبيب)
يستعمل المتدينون الكلمات لتقبل نتيجة أي حدث، على أنه خدمة لأهداف عليا، وحتى عندما تفشل خططهم، بدلا من تحليل الوضع لتجنب تكرار الخطأ وتحسين فنه في الحياة.
يستعمل المتدينون الكلمات للمسامحة ولنسيان أخطائهم، لتجنب الألم الناتج من الشعور بالذنب، والذي يعلم دروسا لا تنسى.
لا نستطيع إنكار قوة الكلمات، ولكن هناك حالات يحتاج فيها العقل إلى الأيدي والعمل الشاق لأجل تسوية الأمور.

المعتقدات والأفعال:
يستخدم المتدينون قوة الكلمات لحماية أنفسهم وأحاسيسهم من الواقع الصعب الذي يواجهونه خلال يومهم. هذا يؤثر فيهم بشكل رئيسي ويؤثر بالمحيطين بهم بشكل غير مباشر. وهناك حتى خطر أكبر: معظم المعتقدات الدينية تتلائم مع الحياة اليومية في كل بلد، ونتيجة لذلك فإن الأفعال الخارجية الظاهرة للشخص المتدين، من الممكن أن تكون شبيهة جدا بحياة الشخص غير المتدين. ولكن داخليا (عقليا) فالمبنى مختلف كليا، حيث أن الأحداث الصعبة تولد ردود أفعال مختلفة تماما.
وحتى في الحالات العادية، السلمية، من الممكن أن تسبب العقلية الدينية متاعب جمة. أتذكر أني سمعت عن موظف حكومي متدين لم يسمح بإضافة الكلور إلى ماء الحنفية بحجة أن الماء يصبح غير صالح لأغراض الوضوء والصلاة. في البداية لم يحصل شيء يذكر، ولكن فيما بعد أدى ذلك إلى مرض الكثيرين (وربما مات البعض) بسبب تكاثر البكتيريا في ماء الحنفية. هذا الأمر لم يكن ليحصل قبل الصحوة الدينية الأخيرة، فلم يكن ليسمح لهذا الموظف أن يقوم بعمل أحمق كهذا.
ماذا عن ملايين الهنود الذين خرجوا غاضبين يحتجون ضد قتل البقر المصاب بمرض جنون البقر (البقرة مقدسة لديهم)؟
بعد الزلزال الكبير الذي ضرب تركيا، قال الكثيرون إن هذا كان غضبا من الله ضد"نا" بسبب الخطايا التي عمل"نا"ها. هذه ال"نا" تعني كل الشعب التركي، لأن الهزة الأرضية قتلت الناس دون تفريق بينهم، فيما يبدو أنها فرقت بين المباني، فهي هدمت المباني الضعيفة فيما لم تمس المباني القوية!
يحاول المتشددون الدينيون إقناع المتدينين العاديين أن النهاية قريبة، ولذا يتوجب عليهم العمل بشكل مغاير، وعليهم الامتثال لأوامر الرب كما يراها ويعرضها المتشددون.
ما زلت أؤمن بالقول، "في أعماقنا، كلنا متشابهون". ولكن لأجل رؤية هذا التشابه، يجب علينا الذهاب أعمق من المنظومة الاعتقادية، إلى حيث الخوف، الرهاب والمتعة والسعادة، وهي الأمور المهمة جدا لوجودنا الإنساني.

نشر الكلمة
من الملاحظ أنه ليس كل ملحد يهتم بالإنسانية أو بالناس الآخرين. على سبيل المثال فإن العيش كملحد منبوذ في مجتمع متدين، من الممكن أن يجعله غاضبا وناقما على العالم بأسره.
كثير منا نحن الملحدون، لديهم أبوان محبان، ونعلم أن الحب والسلام الداخلي مهم جدا للحياة السعيدة، ولكن الدين ليس كذلك. فالحب ليس مرتبطا بالدين كما يظن المتدينون، ولكنه الخوف، الدين مرتبط بالشعور بالخوف.
نحن نعتقد أن الملحدين الأخلاقيين (ليس كل الملحدين كما نعلم)، المهتمين بحال العالم، والمهتمين بحقوق الإنسان (ومن ضمنها حقوق المرأة ) والمهتمين بالحريات، عليهم أن يعملوا لتحرير الناس من السلاسل التي يبدو أنهم يريدون الاحتفاظ بها حول عقولهم.
الأمر ليس سهلا، ولكن يتوجب علينا فعله إذا كنا مهتمين فعلا بالإنسانية. في أي حال نعتقد أن الجدالات الحادة لا تقنع أحدا، وأن الذي ينشد الاتفاق عليه أن يتعلم كيف يصغي للآخرين، وأن يتفهم وجهة نظرهم (ليس المنطق فحسب، ولكن أيضا الحاجات النفسية الغير معلنة).
إذا كان عليك أن تقود شخصا إلى خارج الغابة، فعليك أن تقوده خطوة خطوة وترشده إلى الطريق الصحيحة، بدءا من النقطة التي يتواجدون فيها حاليا. لن يكون مجديا لهم أن تصف لهم طريقا بعيدة (أو طريقا تستطيع أنت فقط رؤيتها).
المسار يجب أن يبدأ من حيث يقف الشخص الذي تريد إرشاده. تخيل أنكما تقفان على قمتي تلتين يفصل بينهما واد عميق. إنه ليس من العدل أو النجاعة، أن تطلب من الشخص المتدين أن يقفز من فوق الوادي ليصل إليك. يتوجب عليك أن تنزل عن تلتك، وتتسلق الجهة الأخرى، ثم تطلب من صديقك أن ينزل معك من تلته لتتسلقا الجهة الأخرى حيث كنت.